أكد الدكتور محمد معيط وزير المالية، أن قرار مؤسسة «ستاندرد أند بورز»، الذى صدر مساء أمس الجمعة ٢١ أكتوبر ٢٠٢٢، بالإبقاء على التصنيف الائتماني لمصر بالعملتين المحلية والأجنبية كما هو دون تعديل عند مستوى «B» مع الإبقاء على النظرة المستقبلية المستقرة للاقتصاد المصرى «Stable Outlook» للمرة الثانية خلال عام ٢٠٢٢، يعكس استمرار ثقة المؤسسات الدولية خاصة مؤسسات التصنيف الائتماني في ثبات وصلابة الاقتصاد المصري وقدرته على التعامل الإيجابي مع التداعيات الخارجية الصعبة، وأهمها: تبعات الحرب بأوروبا وما تلاها من آثار اقتصادية سلبية عالميًا أبرزها: ارتفاع أسعار المواد الأساسية، موضحًا أن هذا القرار يعد شهادة ثقة إضافية حول مرونة وصلابة الاقتصاد المصرى وسلامة السياسات الاقتصادية المتبعة.
أضاف الوزير، أن مؤسسة «ستاندرد أند بورز» أرجعت قرارها بالإبقاء على النظرة المستقبلية المستقرة للاقتصاد المصرى إلى توقعها باستمرار التزام السلطات المصرية بتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية التي من شأنها أن تدفع بالنمو الاقتصادي المدعوم بزيادة دور القطاع الخاص في النشاط الاقتصادى، إضافة إلى توقع المحللين بالمؤسسة تحقيق الاقتصاد المصرى لمعدلات نمو قوية على المدى المتوسط بسبب اتخاذ سياسات وإصلاحات تشجيعية لبيئة الاستثمار والأعمال مما يدعم نمو اقتصادي مستدام، موضحًا أن تأكيد «ستاندرد أند بورز» على صلابة الاقتصاد المصرى في التعامل مع التحديات العالمية المركبة يعكس توازن السياسات المالية والاقتصادية المتبعة.
أشار الوزير، إلى أن مؤسسة «ستاندرد أند بورز» ألقت الضوء في تقريرها على الجهود التي تبذلها وزارة المالية في إدارة الموازنة ورفع كفاءة التحصيل والإنفاق لضمان استمرار تحقيق الانضباط المالي الذي ظهر بشكل كبير خلال نتائج العام المالي ٢٠٢١/ ٢٠٢٢ حيث انخفض العجز الكلي إلى ٦,١٪ من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بنسبة ٦,٨٪ من الناتج المحلي الإجمالي في العام المالي ٢٠٢٠/ ٢٠٢١، كما استمرت وزارة المالية في تحقيق فائض أولي للعام الخامس على التوالي بلغ ١,٣٪ من الناتج المحلي الإجمالي فى العام المالى الماضي، حيث تعتبر مصر من الاقتصادات المحدودة التي استطاعت أن تحافظ على فائض أولي رغم التحديات والضغوط الصعبة التي يمر بها الاقتصاد العالمي في الوقت الراهن في ظل الصدمات الخارجية المركبة التي يشهدها.
أوضح الوزير، أن التقرير الصادر عن مؤسسة «ستاندرد أند بورز» يشير إلى تحسن ملحوظ في مؤشرات الميزان الجاري للعام المالي ٢٠٢١/ ٢٠٢٢، حيث حققت حصيلة الصادرات غير البترولية ارتفاعًا ملحوظًا قدره ٢٩٪ سنويًا في ضوء زيادة الصادرات من الأسمدة والأدوية والملابس الجاهزة، وتم تسجيل فائض كبير على جانب الميزان البترولي ٤,٤ مليار دولار، على ضوء التوسع في صادرات الغاز الطبيعي التي وصلت إلى ٦٠٠ مليون دولار شهريًا مؤخرًا، وحققت قناة السويس حصيلة تعتبر الأعلى تاريخيًا، وصلت إلى ٧ مليارات دولار، لافتًا إلى استمرار تحقيق تحويلات العاملين لحصيلة مرتفعة خلال العام الماضي بلغت نحو ٣٢ مليار دولار، كما ارتفعت إيرادات قطاع السياحة بشكل ملحوظ خلال العام الماضي في ضوء تعافي القطاع الذي حقق حصيلة بلغت ١٠,٧ مليار دولار مع تنوع مصادر السياحة لتشهد تدفقات من أسواق جديدة، كما ارتفعت حصيلة الاستثمارات الأجنبية المباشرة بنسبة ٧١٪ لتحقق نحو ٩,١ مليار دولار مقارنة بنحو ٥,٢ مليار دولار في العام ٢٠٢٠/ ٢٠٢١، إضافة إلى تنوع مصادر الاستثمارات الأجنبية المتدفقة للعديد من القطاعات، وأهمها: الصناعات التحويلية والتشييد والبناء والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
قال الوزير، إن الحرب بأوروبا أدت إلى زيادات حادة في أسعار السلع الأساسية وتشديد الأوضاع النقدية العالمية، مما أدى إلى خروج رؤوس أموال بشكل كبير من الأسواق الناشئة بشكل عام ومنها السوق المصرية، إلا أن مؤسسة «ستاندرد أند بورز» تتوقع عدم حدوث مزيد من التدفقات الرأسمالية الخارجة وأن هذا ليس «سيناريو مرجح» بمصر، نظرًا لتحسن ظروف الاقتصاد الكلي إضافة إلى زيادة تدفقات دول مجلس التعاون الخليجي إلى مصر واعتزام الحكومة المصرية جذب حصيلة تقدر بنحو ١٠ مليارات دولار سنويًا على مدى أربع سنوات تقريبًا كاستثمارات أجنبية مباشرة.
أكد أحمد كجوك نائب وزير المالية للسياسات المالية والتطوير المؤسسي، أن مؤسسة «ستاندرد أند بورز» أشادت في تقريرها وتحليلها بجهود الدولة المستمرة في تحسين بيئة تشغيل الأعمال التي تدعم النمو القوى والمستدام في المدى المتوسط بمصر، لافتًا إلى إشادة المؤسسة بخطة الدولة في استهداف زيادة دور القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي وزيادة مساهمته أيضًا في جملة الاستثمارات، وفى هذا الإطار أشارت مؤسسة التصنيف الائتماني إلى قرب إصدار وثيقة «سياسة ملكية الدولة» في شكلها النهائي بما يسهم في التأكيد على رغبة الدولة المصرية ومؤسساتها في تشجيع وجذب القطاع الخاص لزيادة استثماراته وتواجده القوى بالسوق المصرية وزيادة مساهمته في النمو الاقتصادي بصورة قوية خلال الفترة المقبلة، إضافة إلى العمل على تعزيز بيئة المنافسة العادلة بالسوق المصرية وخفض وتبسيط إجراءات التجارة والاستثمار بما يسهم في جذب المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية.
أوضح أن وثيقة «سياسة ملكية الدولة» والإصلاحات المصاحبة لها تمثل «خارطة طريق» لزيادة دور ومساهمة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي.
أضاف أن مؤسسة «ستاندرد أند بورز» يمكن أن تقوم بتحسين التصنيف الائتماني لمصر خلال الفترة المقبلة إذا كان التوسع الاقتصادي في مصر مرتفعًا وقويًا، وإذا كان برنامج الإصلاح المطبق فعليًا خلال الفترة المقبلة قادرًا على جذب المزيد من التدفقات الخارجية لداخل البلاد وتحقيق انخفاض ملحوظ في مستويات الدين العام كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي وضمان الحصول على تمويل خارجي مستدام في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.
أشار إلى إشادة تقرير مؤسسة «ستاندرد أند بورز» بتوقعاتها بقدرة والتزام الحكومة المصرية على استمرار انضباط أوضاع المالية العامة في المدى المتوسط من خلال استهداف خفض العجز الكلي للموازنة العامة دون مستوى الـ ٤٪ من الناتج المحلي بنهاية العام المالي ٢٠٢٦/ ٢٠٢٧، مع الاستمرار في تحقيق فائض أولي يصل إلى ٢٪ من الناتج المحلي مدعومًا باستكمال الإصلاحات الهيكلية على جانب المالية العامة وأهمها: استمرار جهود وزارة المالية في إجراءات الميكنة وتوسيع القاعدة الضريبية، وتحسين الإدارة والسياسة الضريبية، بما يسهم في وضع الدين العام على مسار نزولي مجددًا ليصل إلى ٧٥٪ من الناتج بنهاية يونيه ٢٠٢٧ من خلال إطالة عمر الدين إلى ٥ سنوات بنهاية العام المالي ٢٠٢٦/ ٢٠٢٧، ارتفاعًا من ١,٣ سنة في يونيه ٢٠٢٢