الزبدة في الاتحاد الأوروبي: أزمة تضخمية وصعوبات إنتاجية ترفع الأسعار بنسبة 40%

شهدت أسعار الزبدة في دول الاتحاد الأوروبي ارتفاعًا غير مسبوق منذ بداية عام 2024، حيث تصدرت الزبدة قائمة المنتجات الغذائية التي تأثرت بشكل كبير بظروف الإنتاج وتكاليف الطاقة، هذه الزيادة، التي بلغت 40% على مستوى التجزئة، جاءت نتيجة تضافر مجموعة من العوامل، من تراجع إنتاج الحليب، إلى اضطرابات المناخ، إلى ارتفاع تكاليف النقل والكهرباء.

ارتفاع غير مسبوق في أسعار الزبدة بالجملة

سجلت أسعار العقود الآجلة للزبدة بالجملة في الاتحاد الأوروبي زيادة كبيرة بلغت 49.5% منذ بداية العام، مما جعل الطن الواحد من الزبدة يصل إلى سعر تاريخي بلغ 8150 يورو في سبتمبر الماضي، ومع حلول شهر نوفمبر، تراجع السعر قليلاً إلى 7850 يورو للطن، لكنه ما زال أعلى بكثير مقارنة بالأسعار في السنوات الماضية، وفقًا لبيانات Trading Economics.

تأثير الارتفاع على الأسواق المحلية في أوروبا

بدأت آثار هذا الارتفاع في الظهور بشكل واضح على أسواق التجزئة في دول الاتحاد الأوروبي، خاصة في بولندا وألمانيا، في بولندا، ارتفع سعر العبوة القياسية من الزبدة بنسبة 40% ليصل إلى 8 زلوتي، ويتوقع المحللون أن يصل إلى 10 زلوتي مع قرب موسم الأعياد. أما في ألمانيا، فقد سجلت الأسعار ارتفاعًا بنسبة 39.7% منذ بداية العام، حيث بلغت تكلفة العبوة ذات وزن 250 جرامًا حوالي 2.39 يورو، مما دفع المستهلكين للتفكير في خيارات بديلة لتلبية احتياجاتهم الغذائية اليومية.

أسباب ارتفاع الأسعار

ترجع هذه الزيادة إلى عدة عوامل معقدة أثرت على إنتاج الحليب في أوروبا. أولاً، أدى الجفاف هذا العام إلى نقص في الأعلاف المتاحة للماشية، مما قلل من إنتاجية الأبقار وبالتالي انخفضت كميات الحليب المتاحة لصناعة الزبدة.

بالإضافة إلى ذلك، انتشر وباء “اللسان الأزرق” في بعض قطعان الألبان الأوروبية، مما أثر سلباً على صحة الأبقار وأدى إلى تقليص أعدادها لدى بعض المزارعين، الأمر الذي فاقم من قلة إنتاج الحليب.

تكاليف الإنتاج الباهظة: الكهرباء والنقل

لم تتوقف التحديات عند انخفاض الإنتاج فقط؛ بل أثرت تكاليف الإنتاج المتزايدة على أسعار الزبدة في الأسواق. فقد ارتفعت تكاليف الكهرباء والنقل بشكل كبير، وهو ما أضاف عبئاً على منتجي الألبان والزبدة. تزايد أسعار الوقود وتكاليف الطاقة في أوروبا ساهم بشكل مباشر في رفع كلفة الإنتاج، مما انعكس على أسعار المنتجات النهائية التي تصل للمستهلك.

الأمل في استيراد الزبدة الأوكرانية لتخفيف الأزمة

وسط هذه الظروف، تبرز أوكرانيا كمصدر محوري محتمل للتخفيف من حدة الأزمة، حيث يُمكن أن تسهم إمدادات الزبدة الأوكرانية في سد جزء من احتياجات الاتحاد الأوروبي. ورغم التحديات اللوجستية في تصدير المنتجات الزراعية من أوكرانيا بسبب الوضع الراهن، أظهرت التقارير أن واردات الزبدة إلى أوكرانيا ارتفعت بنسبة 76% في النصف الأول من شهر أكتوبر. ويمكن أن تكون هذه الزيادة بداية لاتفاقات تجارية تخفف من الضغط الكبير على الأسواق الأوروبية.

التجارة الأوكرانية خلال 2024: أرقام وتطلعات

في السياق ذاته، شهدت أوكرانيا نشاطًا تجاريًا ملحوظًا خلال عام 2024، حيث بلغ حجم تجارتها الإجمالية 92 مليار دولار حتى نهاية أكتوبر، وعلى الرغم من التحديات التي تواجهها البلاد، إلا أن صادراتها من السلع الزراعية بلغت 34.6 مليار دولار، مما يجعلها شريكًا تجاريًا مهمًا في السوق الأوروبية.

مستقبل الأسعار: هل هناك أمل في الاستقرار؟

مع تضافر العوامل الاقتصادية والبيئية التي أدت إلى ارتفاع أسعار الزبدة في الاتحاد الأوروبي، يبقى السؤال حول ما إذا كانت الأسعار ستستقر في المستقبل القريب، ومع استمرار ارتفاع تكاليف الطاقة والتقلبات المناخية، قد يكون الحل الأمثل هو التنويع في مصادر الزبدة والبحث عن شركاء تجاريين جدد لتقليل الضغط على الإنتاج المحلي، مثل أوكرانيا التي قد تسهم في سد فجوة الإمدادات.

للمزيد من الأخبار الاقتصادية عن الأمن الغذائي والزراعة زور صفحتنا على فيسبوك من هنا:

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى