
أكد المهندس أشرف الجزايرلي، رئيس غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات المصرية، أن الاستثمار في البحث العلمي لم يعد ترفًا بل يمثل حجر الزاوية في بناء نظام غذائي مستدام وآمن وقادر على المنافسة في الأسواق العالمية.
وأضاف أن التحولات العالمية المتسارعة، والتحديات المتزايدة في مجال الغذاء، تستدعي رؤية علمية واضحة قادرة على تقديم حلول فعالة.
وأوضح الجزايرلي، خلال كلمته في اجتماع لجنة الكودكس الذي تزامن مع اليوم العالمي لسلامة الغذاء، أن شعار هذا العام “سلامة الغذاء.. العلم وأسس اتخاذ القرار” يعبر بدقة عن جوهر المنهج الحديث في بناء أنظمة فعالة وسليمة، مشيرًا إلى أن بناء نظام وطني قوي لسلامة الغذاء أصبح ضرورة ملحة وليست خيارًا.
وأشار إلى أن لجنة الكودكس تحولت من مجرد أداة لإصدار المواصفات إلى منصة عالمية لتوليد المعرفة المبنية على تقييم المخاطر، وأن مشاركة ممثلي الصناعة في لجان الكودكس الوطنية والدولية أصبحت ضرورة لضمان التوازن بين حماية الصحة العامة وتيسير التجارة الدولية.
الابتكار العلمي لمواجهة تحديات الصناعة الغذائية
أوضح رئيس غرفة الصناعات الغذائية أن العلم والابتكار هما الوسيلتان الأهم لمواجهة التحديات المتزايدة التي تعاني منها الصناعة الغذائية، كأزمة تغير المناخ، وارتفاع أسعار المواد الخام، والقيود المفروضة على حركة الاستيراد والتصدير.
وكشف الجزايرلي أن دراسات صادرة عن البنك الدولي تؤكد أن كل دولار يتم استثماره في مجال البحث العلمي يمكن أن يحقق عوائد اقتصادية تتراوح بين خمسة إلى عشرة أضعاف في سنوات قليلة، ما يبرز الجدوى الاقتصادية الكبيرة لهذا النوع من الاستثمار.
وشدد على أن التحول نحو الصناعة الذكية يعتمد على الابتكار والقدرة المستمرة على التطوير، موضحًا أن نسبة الإنفاق على البحث العلمي في مصر بلغت نحو 1.2% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يعكس اهتمام الدولة المتزايد بربط المعرفة العلمية بالتصنيع والإنتاج.
مبادرات وطنية للنهوض بالبحث العلمي في الصناعة الغذائية
أشاد الجزايرلي بعدد من المبادرات والمشروعات الوطنية التي تهدف إلى دعم الابتكار، من بينها “مدينة المعرفة” والمبادرة الرئاسية “تحالف وتنمية”، والتي تستهدف تعظيم دور البحث العلمي في تطوير القطاعات الإنتاجية، لاسيما في مجال الصناعات الغذائية.
وأشار إلى انضمام الغرفة كشريك استراتيجي في التحالف الوطني لتنمية وتطوير قطاع الألبان، باعتباره من القطاعات الحيوية التي تعتمد على التطوير والابتكار في مراحل الإنتاج والتصنيع والتعبئة.
كما استعرض الجهود المستمرة التي تبذلها الغرفة بالتعاون مع أكاديمية البحث العلمي، عبر تنظيم ورش عمل متخصصة حول تعظيم الاستفادة من المخلفات الزراعية والصناعية، إلى جانب المشاركة في فعاليات علمية مثل مؤتمر “سد فجوات استدامة الثروة الحيوانية” الذي نظمته كلية الزراعة بجامعة قناة السويس.
خطط طموحة لربط البحث العلمي بمتطلبات السوق
أكد المهندس أشرف الجزايرلي أن غرفة الصناعات الغذائية تعمل بشكل مستمر على تحفيز المصانع الأعضاء لتبني نظم البحث والتطوير في عمليات الإنتاج، من خلال ربط المخرجات العلمية باحتياجات السوق الفعلية، وتحديث المواصفات القياسية الوطنية بشكل دوري لتواكب التطورات العالمية.
وأوضح أن الغرفة تسعى إلى تدريب الكوادر الفنية ورفع كفاءتها، وتعزيز التعاون مع الجهات الرقابية والمؤسسات البحثية بهدف رفع جودة المنتجات الغذائية المصرية وزيادة قدرتها التنافسية في الأسواق المحلية والدولية.
وشدد على أهمية أن تكون العلاقة بين المجتمع الصناعي والمؤسسات العلمية علاقة تكاملية تقوم على تبادل المعرفة وتوحيد الرؤى وتطوير الحلول التطبيقية.
شراكة متقدمة بين المصانع والمجتمع العلمي
أشار الجزايرلي إلى أن العديد من الشركات العاملة في مجال الصناعات الغذائية بدأت بالفعل في تخصيص ميزانيات مستقلة للبحث والتطوير، وأسست إدارات خاصة للابتكار، بهدف تطوير منتجات جديدة تلبي تطلعات المستهلكين، سواء في السوق المحلية أو العالمية، وتعزز من فرص التوسع والنمو.
وأضاف أن هذه الخطوة تعكس تحولًا استراتيجيًا في فلسفة التصنيع، يجعل من الابتكار العلمي وسيلة أساسية للحفاظ على استمرارية الإنتاجية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
واعتبر أن التفاعل المتزايد بين الشركات والمراكز العلمية والبحثية يفتح الباب أمام شراكات فعالة تدعم تطور الصناعة وتضمن قدرتها على الصمود أمام الأزمات العالمية والتقلبات الاقتصادية.
التزام دائم بضمان سلامة الغذاء
اختتم رئيس غرفة الصناعات الغذائية كلمته بالتأكيد على أن اليوم العالمي لسلامة الغذاء يمثل لحظة تأمل والتزام نحو مستقبل أكثر أمانًا واستدامة، مشددًا على أهمية مواصلة الاستثمار في المعرفة والعلم باعتبارهما ضمانة حقيقية لتحقيق سلامة الغذاء وحماية صحة المستهلك.
كما دعا إلى تكثيف الجهود المشتركة بين الحكومة والقطاع الخاص والمؤسسات البحثية من أجل وضع منظومة متكاملة لسلامة الغذاء تعتمد على العلم، وتضمن التوازن بين متطلبات الصحة العامة وتحقيق النمو الصناعي.
قد يهمك أيضا:-