ارتفاع معدل التضخم في مصر بين الأسباب والاقتراحات.. و خبراء اقتصاد : يجب إحكام الرقابة على الأسواق

يعيش المواطنون في حالة قلق دائمة نابعة من ملاحظة ارتفاع الأسعار يوم بعد يوم، ولجأ البعض إلى الاستغناء عن بعض السلع مثل اللحوم، حيث يتحمل المواطنون أعباء خطة الإصلاح الاقتصادي التي تتبنها الدولة، حيث تقوم الدولة بالاقتراض من الخارج على أساس وضع سعر صرف مرن للجنيه (تعويم) بالتالي تنخفض قيمة العملة الوطنية ويقود ذلك لارتفاع الأسعار داخليًا.

وبعد أن أصدر جهاز التعبئة العامة والإحصاء تقريرًا أفاد بأن معدلات التضخم بلغت 38.2%، فما هي المتغيرات العالمية والمحلية التي من شأنها أن تقود لارتفاع معدلات التضخم في مصر؟ وهل نحن بصدد تعويم جديد آخر؟ وما عواقب ذلك؟ وهل هناك بصيص من الأمل لتقليل حدة عواقب ارتفاع معدلات التضخم وارتفاع الأسعار؟
كل تلك أسئلة يجيب عنها خبراء و محللين اقتصاد في السطور القادمة :

متغيرات قادت لارتفاع معدلات التضخم

ارتغاع معدل التضخم
ارتغاع معدل التضخم

قال مصطفى شفيع المحلل المالي في تصريحات خاصة لـ «بيزنس 24» أن هناك عدة متغيرات تؤثر على معدلات التضخم في مصر في الوقت الحالي، من ضمن هذه المتغيرات انسحاب روسيا من اتفاقية الحبوب في البحر الأسود، الأمر الذي قاد لارتفاع أسعار القمح عالميًا، وأكدت المؤسسات المالية العالمية أن القمح ارتفع بمعدل 15%، وتعد مصر مستورد أصيل القمح بالتالي كان له تأثير واضح في معدلات التضخم في مصر.

وأضاف أن هناك متغير آخر وهو ارتفاع أسعار الطاقة، ومصر في إطار اتفاقها مع صندوق النقد الدولي من المفترض أن ترفع الدعم عن أسعار الطاقة، بالتالي الأسعار مهددة مع كل مراجعة ربع سنوية بحدوث زيادة في أسعار الطاقة، خاصة السولار والمازوت ارتفاع سعرهما مرتبط بصورة مباشرة بارتفاع معدل التضخم.

وأشار إلى أن حظر تصدير الهند للأرز لدول العالم واحتفاظها بالإنتاج للاستهلاك المحلي، أدى لارتفاع سعر الأرز عالميًا، وهذا ينعكس على مصر، وكذلك السكر، وتعد الهند من أولى الدول في تصديره واحتجزت إنتاجه للاستهلاك المحلي وهذا يؤثر على الاقتصاد العالمي.

ولفت «شفيع » على إشكالية قلة توفير الدولار و احتجاز البضائع في الموانيء، ذلك يؤدي إلى حدوث عجز في ما هو معروض داخليًا في القطر المصري، فعلى سبيل المثال أكدت أعضاء الشعب العاملين في قطاعات السجائر والأدوات الكهربائية أن أسعار هذه السلع مرتفعة نتيجة انخفاض المعروض منها داخليًا بالتالي حدوث احتكاك مباشر مع التضخم.

وتحدث «شفيع» حول أهم متغير له تأثير قوي على ارتفاع معدلات التضخم وهو الغذاء، ويمثل الغذاء ما يقرب من 35% ل40% من مؤشر أسعار المستهلكين، بالتالي كل ما يمس الغذاء يؤثر مباشرة على التضخم.

استمرار ارتفاع معدلات التضخم

وأوضح شفيع أن معدلات التضخم في مصر لم ولن يتم السيطرة عليها خلال الفترة المقبلة، حيث أن المتغيرات التي تؤثر على معدلات التضخم كثيرة وغير مستقرة وكل يوم يظهر أمر مستجد يؤثر على معدلات التضخم بالزيادة وليس بالنقصان.

واستكمل حديثه مؤكدًا على أننا مازلنا في مسار تصاعدي على صعيد معدلات التضخم، ومحتمل أن تشهد الأشهر القادمة رقم تصاعدي لمعدلات التضخم، لذلك متوقع أن يقدم البنك المركزي زيادات أخرى تصل من 50 ل100 نقطة أساس خلال الفترة القادمة.

 

وأكد على أن تحرير سعر الصرف سيكون قريبًا بشكل أقرب لليقين، حيث أن من شروط اتفاق صندو النقد الدولي مع مصر لتسليم باقي الدفعات من القرض هو تخفيض سعر الصرف أي وجود سعر صرف مرن (تعويم جديد) هذا من شأنها أن يقود لارتفاع الأسعار من جديد.

اقتراحات لمواجهة ارتفاع معدلات التضخم

أوضح عبد النبي عبد المطلب خبير اقتصادي في تصريحات خاصة لـ «بيزنس 24» أن استقرار السوق يتطلب أن تمتلك الدولة والحكومة مشروعًا حقيقيًا لزيادة الإنتاج وزيادة عرض المنتجات، وتوفير السلع.

وأضاف «عبد المطلب »  إلى ذلك أنه يجب على الدولة إحكام رقابتها على الأسواق لتمنع رفع الأسعار دون سبب، وفي إطار تحقيق ذلك ، اتخذت الحكومة قرارًا بوضع ملصق بسعر المنتج على المنتج نفسه، بحيث أنه في حالة حدوث أي زيادة في سعر هذا المنتج يتم بيعه بالسعر الملصق عليه (القديم) وليس السعر الجديد بعد الزيادة.

وأشار أنه يجب أن تدخل الدولة لتقليل التضخم من خلال التشجيع على الاستثمار بالتالي تحدث منافسة وبالتالي يحدث زيادة في العرض وتنخفض الأسعار قليلًا.

أساليب التعامل مع حدوث تعويم جديد

صرح الخبير الاقتصادي السيد خضر في تصريحات خاصة لـ «بيزنس 24» أنه لابد من تحقيق مستوى التوازن في الأسعار خلال الفترة القادمة وفرض رقابة صارمة على الأسواق الداخلية حتى لا تزيد من فجوة التضخم الذى يؤثر على العديد من المؤشرات الاقتصادية وكذلك على المواطن خلال الفترة المقبلة حتى لاتكون هناك أعباء إضافية أخرى في ظل استمرار ارتفاع الأسعار بشكل سريع.

وأضاف أن الدولة المصرية ستتجه إلى استخدام سياسة سعر الصرف المدار، تلك السياسة سيكون لها تداعيات على أداء الاقتصاد الداخلي،  خاصة أنها ستخلق حالة من الحرية التامة في حركة سعر الصرف على حسب العرض والطلب.

المقصود بسعر الصرف المدار

أوضح خضر أن هناك 3 سياسات لسعر الصرف، هم سياسة سعر الصرف الثابت، وهي سياسة لا تستخدمها سوى الدول التي تمتلك اقتصاد قوي ووفرة من الدولارية الصعبة مثل السعودية والإمارات ودول الخليج والصين مؤخرًا.

وسياسة سعر الصرف المدار هي سياسة مهمة جدًا، سنستخدمها الفترة القادمة، و تعني ترك العملة الصعبة في تحرك تام حسب سياسة العرض والطلب، بمعنى في حالة وجود احتياج تام للعملة الدولارية ممكن سعرها يزيد يصل ل40 أو 50 على حسب الطلب الزيادة، أما في حالة عدم وجود طلب على العملة الدولارية ينخفض السعر، وهناك معيار آخر بخلاف العرض والطلب يتحكم في سياسة سعر الصرف المدار ،  السوق السوداء تبدأ تشتغل في هذه السياسة، وبدأت في الفترة الأخيرة تتحكم في الاقتصاد الداخلي.

وأشار أنه في الفترة القادمة سننتقل من سياسة التعويم، وهي السياسة ال3 في سعر الصرف، التي تم استخدامها في 2016 إلى سياسة سعر الصرف المدار، وذلك سيؤدي لزيادة الأسعار خلال الفترة القادمة، لذلك لابد أن يكون لدينا استثمارات قوية جدًا وزيادة في القدرة الإنتاجية، حتى نحقق التوازن الداخلي، خاصة أن المواطن أصبح لديه تخوف من الانتقال من فترة التقشف لفترة كساد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى