
شاركت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، في فعاليات ورشة العمل الوطنية التابعة لمبادرة «التقارب» الصادرة عن الأمم المتحدة، والتي تهدف إلى تحقيق تكامل بين النظم الصحية والغذائية والعمل المناخي.
المبادرة أطلقها الأمين العام للأمم المتحدة خلال فعاليات مؤتمر الأطراف للمناخ (COP28) في دولة الإمارات، وتنفذها منظمة تنسيق النظم الغذائية التابعة للأمم المتحدة، في إطار الجهود العالمية لمواءمة تحول نظم الأغذية مع أهداف المناخ وأجندة التنمية المستدامة 2030 واتفاقية باريس.
في كلمتها الافتتاحية التي ألقتها عبر تقنية الفيديو، أكدت «المشاط» حرص مصر على تأكيد ريادتها الإقليمية في دمج قضايا الغذاء والتغذية والمناخ ضمن رؤية شاملة تستند إلى مبادرة الأمم المتحدة.
كما لفتت إلى تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة التي أوضح فيها أننا في منتصف الطريق نحو 2030، إلا أن العالم لا يزال متأخرًا في تحقيق أكثر من نصف أهداف التنمية المستدامة، مشيرة إلى أن مستقبل الغذاء والعمل المناخي ليسا مسارين منفصلين بل مترابطان بعمق.
وشددت الوزيرة على أن مصر تبنت مسارًا قائمًا على التكامل والابتكار وجذب الاستثمارات، وكانت من أوائل الدول التي أطلقت حوارًا وطنيًا شاملًا حول نظم الغذاء، جمعت فيه الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني والمؤسسات الأكاديمية لإعادة تصور النظم الغذائية، بما يشكل قاعدة رئيسية للمسار الوطني في هذا الشأن.
أكثر من 14.7 مليار دولار فرص استثمارية لتحقيق أمن غذائي ومائي
كما أشارت الوزيرة إلى إطلاق مصر للاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ 2050، التي تؤكد على أن الأمن الغذائي والمرونة المناخية متلازمان، بجانب إطلاق منصة “نُوَفِّي” لدمج عناصر الماء والغذاء والطاقة في إطار استثماري متكامل. وأوضحت أن المنصة لا تهدف فقط إلى التنمية، بل إلى تفعيل أدوات استثمارية تربط بين التخطيط والتمويل.
وأشارت «المشاط» إلى أن مصر من خلال منصة “نُوَفِّي” تعمل على حشد أكثر من 14.7 مليار دولار من فرص التمويل والاستثمار المتوافقة مع أهداف المناخ. كما أكدت أن الأمم المتحدة وعدد من المؤسسات الدولية أشادت بالمنصة باعتبارها نموذجًا عمليًا لتحويل الالتزامات المناخية الوطنية إلى مشروعات جاذبة للاستثمار، خاصة في مجالات الأمن الغذائي والمائي.
وأضافت الوزيرة أن مصر بدأت بالفعل في التحول من مرحلة التخطيط إلى مرحلة التنفيذ، ومن صياغة السياسات إلى إقامة شراكات فعالة على الأرض، وهو ما يعكس جديّة الدولة في تنفيذ أجندة المناخ بالتكامل مع مسار التنمية المستدامة.
المبادرات الغذائية والمناخية مدخل لتعزيز مرونة السياسات الوطنية
أكدت الدكتورة المشاط أن مبادرة الأمم المتحدة الخاصة بالتقارب بين النظم الغذائية والعمل المناخي، ستسهم في إحراز تقدم أكبر نحو التكامل المنشود. وأشارت إلى أن التغذية يجب أن تُعامل كعنصر أساسي للتنمية وليس جانبًا ثانويًا، وعندما تتناغم السياسات الغذائية مع أهداف المناخ، فإن ذلك يعزز من قدرة الدولة على الصمود والتكيف في ظل التحديات العالمية.
كما لفتت الوزيرة إلى أن الدراسات العالمية تؤكد أن كل دولار يُستثمر في تقليل سوء التغذية، يمكن أن يحقق عائدًا اقتصاديًا يصل إلى 16 دولارًا، بفضل تحسين مؤشرات الصحة العامة وزيادة الإنتاجية وتحقيق نمو اقتصادي مستدام. كما أشارت إلى أهمية مبادرة “الألف يوم الذهبية” التي تمثل مرحلة حاسمة في حياة الطفل وتعد أداة حقيقية لتحقيق التنمية البشرية على المدى البعيد.
الزراعة ركيزة أساسية للاقتصاد المصري والتنمية الريفية
وفي ختام كلمتها، شددت الدكتورة رانيا المشاط على أهمية القطاع الخاص في دعم جهود الدولة في التنمية الزراعية والمناخية، موضحة أن الزراعة تمثل حوالي 11% من الناتج المحلي الإجمالي لمصر، وتوفر 28% من فرص العمل، لا سيما في المناطق الريفية، مما يجعل هذا القطاع محوريًا في جهود تحقيق النمو المستدام.
وأضافت أن تشجيع الاستثمارات الخاصة والابتكار في سلاسل القيمة الغذائية يعد من المفاتيح الأساسية لتحقيق استدامة حقيقية وطويلة الأمد في القطاع الزراعي. كما سلطت الضوء على تقارير منظمة الأغذية والزراعة التي تشير إلى أن نظم الغذاء والزراعة مسؤولة عن نحو ثلث انبعاثات غازات الاحتباس الحراري على مستوى العالم، لكنها لا تتلقى سوى أقل من 10% من تمويل المناخ العالمي.
وأوضحت أن مصر من خلال منصة “نُوَفِّي” والفعاليات مثل ورشة العمل الوطنية الحالية، تسعى إلى سد هذه الفجوة التمويلية، من خلال تعزيز قدرة المشروعات التي تدمج بين أهداف التنمية والمناخ على جذب الاستثمارات بشكل فعّال ومستدام.
قد يهمك ايضا