وصلت أسعار زيت النخيل في ماليزيا إلى أعلى مستوى لها منذ يوليو 2022، حيث بلغ سعر الطن الواحد 4486 رينجيت ماليزي، وفقًا لعقود بورصة ماليزيا في أكتوبر الجاري، هذا الارتفاع يعكس زيادة بنسبة 22.6% منذ بداية العام، وارتفاعاً بنسبة 19.5% عن نفس الفترة من العام الماضي.
جاء هذا الصعود مدفوعًا بعدة عوامل مرتبطة بالتوريد العالمي وتحديات الطلب، ما أدى إلى تصاعد الضغوط على الأسواق المحلية والدولية.
الأسباب الرئيسية وراء ارتفاع الأسعار
تعود هذه الزيادة في أسعار زيت النخيل إلى مجموعة من العوامل الرئيسية، من أهمها:
تراجع الصادرات الإندونيسية: شهدت إندونيسيا، أكبر منتج لزيت النخيل في العالم، انخفاضًا في صادراتها من 2.38 مليون طن في أغسطس إلى 1.79 مليون طن في سبتمبر 2024.
ويرتبط هذا التراجع بظاهرة “النينيو” التي أثرت على إنتاج ثمار النخيل، حيث انخفض الإنتاج الإندونيسي في الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري إلى 34.52 مليون طن، مقارنة بـ 36.29 مليون طن في نفس الفترة من العام السابق.
برنامج وقود الديزل الحيوي B40: تخطط إندونيسيا لزيادة استخدام زيت النخيل في إنتاج الوقود الحيوي، حيث تعتزم التحول من برنامج B35 إلى B40 بحلول عام 2025، قد يؤدي هذا التحول إلى تقليل الكميات المتاحة للتصدير، بنحو 1.5 إلى 1.7 مليون طن سنويًا، ما يعمق أزمة العرض في السوق العالمية.
انخفاض المخزون الماليزي: على الرغم من قوة صادرات ماليزيا، التي بلغت 12.30 مليون طن بين يناير وسبتمبر 2024، شهدت البلاد تراجعًا في المخزون المحلي إلى 1.06 مليون طن مقارنة بـ 1.37 مليون طن في سبتمبر 2023، مما يعزز من الضغوط على الأسعار.
تقلبات أسعار الصرف: أدى تراجع قيمة الرينجيت الماليزي بنسبة 4.2% مقابل الدولار الأمريكي خلال أكتوبر، إلى زيادة الطلب الأجنبي على زيت النخيل الماليزي، الذي أصبح أكثر جاذبية للمستوردين الأجانب بفضل أسعاره المنخفضة بالدولار.
تأثيرات التوترات الجيوسياسية: ساهمت التوترات في الشرق الأوسط في ارتفاع أسعار النفط الخام بنسبة 10% في أوائل أكتوبر، مما زاد من الطلب على المواد الخام المستخدمة في الوقود الحيوي، بما في ذلك زيت النخيل، وهو ما دفع بأسعاره نحو الارتفاع.
تأثير ارتفاع أسعار الزيوت النباتية الأخرى على السوق
شهدت أسعار الزيوت النباتية الأخرى، مثل زيت الصويا وعباد الشمس وزيت بذور اللفت، ارتفاعاً بسبب توقعات تشديد العرض في الأسواق الأمريكية والأوروبية.
ووفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة، ارتفع مؤشر أسعار الزيوت النباتية بنسبة 4.6% في سبتمبر، مما ساهم في تعزيز الطلب على زيت النخيل كبديل اقتصادي في بعض الأسواق.
توقعات مستقبلية لأسعار زيت النخيل
على الرغم من الارتفاع الحالي، ترى شركة “BMI” أن العوامل المحركة لهذه الأسعار قد تكون مؤقتة، ومن المتوقع أن تعود ظروف الطقس إلى طبيعتها في إندونيسيا، مما قد يؤدي إلى استقرار الإنتاج وتهدئة السوق.
بالإضافة إلى ذلك، تشير توقعات الطقس إلى احتمال ظاهرة “النينيا” في الربع الرابع من 2024، والتي قد تؤدي إلى هطول أمطار غزيرة لكنها لا تشكل تهديداً كبيراً على الإنتاج على المدى الطويل.
كما تشير التوقعات إلى تراجع محتمل في طلب الاستيراد من بعض الأسواق مثل الهند، التي قامت برفع الرسوم الجمركية على الزيوت الخام والمكررة. ويتوقع أن يصل متوسط سعر زيت النخيل إلى 3850 رينجيت ماليزي للطن في نهاية 2024، وأن ينخفض إلى 3650 رينجيت ماليزي بحلول 2025.
المخاطر المحتملة التي قد تؤثر على استقرار الأسعار
رغم التوقعات بتهدئة الأسعار، تبقى هناك مخاطر متعددة قد تعيد صعودها، منها:
تقلبات الإنتاج في إندونيسيا وماليزيا: أي تراجع غير متوقع في الإنتاج قد يزيد من الضغط على الأسواق.
زيادة غير متوقعة في حصة الوقود الحيوي: إذا تم التحول إلى B50 مبكراً في إندونيسيا، سيؤدي ذلك إلى انخفاض المعروض العالمي.
التقلبات الجيوسياسية: استمرار الأزمات السياسية، خاصة في منطقة الشرق الأوسط، قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط ويدفع بزيت النخيل نحو مزيد من الارتفاع.
الرسوم الجمركية في الأسواق الرئيسية: التغيرات في الرسوم، خاصة في الهند، قد تؤثر سلبًا أو إيجابًا على الطلب العالمي على زيت النخيل.
سوق مضطربة وآفاق غير مستقرة
تشير العوامل الحالية إلى أن أسعار زيت النخيل ستبقى مضطربة على المدى القصير، مع احتمالات الاستقرار النسبي في المدى المتوسط إذا ما تحسنت الظروف المناخية وعاد الإنتاج إلى مستوياته المعتادة.
ومع ذلك، يبقى على التجار مراقبة العوامل الجيوسياسية والسياسات البيئية التي قد تلعب دورًا حاسمًا في تحديد مستقبل هذه الصناعة الحيوية.
للمزيد من الأخبار الاقتصادية عن الأمن الغذائي والزراعة زور صفحتنا على فيسبوك من هنا: