الدكتور إبراهيم درويش يكتب : ألأمن والآمان النفسى… القيمة المفقودة المطلوبة ( نفحات الجمعة)

لله نعم جليلة على خلقه من أفضلها نعمة الأمن..وهو مطلب للجميع .. لكن هل نعمل على تحقيقه ..فنعمة الأمن. يمنحها الله لمن يستحقها.
( الأمن نتيجة .. وليس فعلا ) والأمن له صور متعددة بداية من ألامن النفسى والأمن الاجتماعى والاقتصادى والعسكرى والغذائى و السياسى أو حتى الأمن البيئى..الخ.لكن يقع فى القلب منها الأمن النفسى ..
ويختلف تعريف الأمن طبقا لصورة الأمن المطلوبه .ولكن هناك تعاريف عامة للأمن بأنه
١-“شعور الإنسان بالسكينة والطمأنينة على حاجاته الدنيوية والأخروية وبدون تكلفة منه عند توفر أسبابه….
٢- أو هو ما به يطمئن الناس على دينهم وأنفسهم وأموالهم وأعراضهم، وارزاقهم ويتجه تفكيرهم إلى ما يرفع شأن مجتمعهم وينهض بأمتهم…
٣- الأمن هو الأساس والمنطلق للتنمية والتطور، وهو السلاح الفاعل في مواجهة الخوف، وهو الصيانة والوقاية لمنجزات الحاضر والمستقبل

الامن نوعان(نسبى ..،ومطلق )
(أ)- الأمن النسبى:
هو الذى يمكن تحقيقه فى الحياة الدنيا وهو يختلف على حسب قدرات ورغبة الأفراد فى السعى إليه من خلال طاعاتهم وأعمالهم وتربيتهم وجهود الدول فى العمل على تحقيقه لمواطنيها
(ب)-الأمن المطلق :
وهو الذى لا يتحقق للإنسان في الحياة الدنيا بل يكون في دار النعيم التي وعد الله بها عباده الصالحين، فقال تعالى: {ادْخُلُوهَا تحميل بِسَلَامٍ آمِنِينَ}

الأمن النفسي..
—————–
هو غاية الإنسان .ومطلبه ليل نهار ..فى كل عمل يقوم به أو صديق يصاحبه أو زوجة أو زوج يقترن بها أو تقترن به ..
. الامن النفسى هو إحساسك بالأمن والطمأنينة والسكينة التى تجعلك لاتخشى اليوم ولاتقلق على الغد . وهو شعور لايقدر بثمن.
وبداية احساسك بالإيمان النفسى لابد أن ينبع ويبدأ من داخلك .من ذاتك ..من علاقتك بنفسك اولا …وصلتك بربك ثانيا .. وتعاملك مع الناس .بالناس ثالثا ..ومعرفتك بواجبتك قبل حقوقك رابعا.
فلا يمكن لإنسان بعيد عن ربه …فاقد القيم. ومكارم الأخلاق …وخائن للأمانة غير متصالح ومتسق مع ذاته أو كاره لمجتمعه أن يتمتع بنعمة الأمن و الامان النفسى…

فالإيمان والإمان والطمأنينة القلبية والسكينة …نور وروح من الله وهديه يسكن إليه الخائف الفزِع، ويطمئن عنده القلِق المضطرِّب، يقول الله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّـهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّـهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} …
والأمن والأمان النفسى ليس وليد الصدفة .. ولكنه جهاد وتربية وتحتاج إلى عمل
وأنت مسؤول عنها ..عن نفسك ومسؤول عنها فى تربية اولادك ..المسؤولين منك وفى غرسها لأفراد المجتمع التى تتعامل معه ….ومسؤولية كل مؤسسات الدولة التعليمية والإعلامية والدينية ..كل فيما يخصه.
ومن النمازج التى اعجبتنى فى التربية النفسية الأمنية للنفس وأخذ الحذر والحيطة فى كل التعاملات وكتم الاسرار ..والحرص ….
قصة نبى الله يعقوب وأولاده مع كونه عليه السلام نبى موحد و له وأولاده اخلاق كريمة والتى نسعى إليها جميعا .. الا ان قصتهم
ضربت اروع النمازج فى كيفية التربية النفسية الأمنية للاولاد بداية من اول القصة إلى نهايتها .. لو قراتها بتدبر ستعى ذلك تماما ..
فعندما وجه ونصح ابنه يوسف عليه السلام بكتم الرؤيا عن إخوته خوفًا من زيادة الحسد والكراهية معللا بخوفه من نزغ الشيطان واستغلاله الفرص التى توقع العداوة حتى بين الإخوة وما أكثر شياطين الانس والجن الان الذين يجب أن نحذر منهم يقول تعالى على لسان يعقوب عليه السلام . {قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ}

كما نلاحظ التربية على الأمن النفسي كان يشمل اولاد يعقوب وظهر ذلك جليا ..عندما كان يقول لهم انى اخاف ان يأكله الذئب وانتم له غافلون ..
وعندما كان يأمرهم بعد اليأس والقنوط ..من روح الله وعندما قال لهم تحسسوا من ريح يوسف يقول تعالى ( يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ )
وعندما قال لهم : {وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنكُم مِّنَ اللَّـهِ مِن شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّـهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ} لأن دخولهم على شكل واحد وزيٍّ متحد على بلدٍ هم غرباءُ عنه يلفت نظر كل راصد وليس دخول الفرد كدخول الجمع في التنبه وإِتْبَاع البصر فتوجيه نبي الله يعقوب -عليه السلام- أبناءه كان توجيها ا أمنيًّا لسلامتهم من خلال أخذ كل وسائل الحيطة والحذر في مثل هذه الأحوال.

ونتيجة لأهمية نعمة الأمن يحرص الإسلام على تحقيق الأمن فى كل شىء فقد ورد في القرآن الكريم لفظ (أمن) ومشتقاته في ثمانيةٍ وأربعين موضعًا موزعة على ثلاث وأربعين آية، تسع وعشرون منها مكية ، وأربع عشرة آية منها مدنيةمما يؤكد حاجة العهد المكي إلى مزيد من الأمن المفقود يومئذ للمؤمنين،
ولما هاجر المسلمون إلى المدينة المنورة وقامت لهم دولة أصبح الحديث عن الأمن حسب الحاجة والضرورة…
وعندما نذكر الناس الان بنعمة الأمن ..لما له أهمية كبرى بعد حالات انفراط عقد الدول التى انعدم فيها الأمن والأمان .

وبين أن هناك علاقة وطيدة بين الإيمان والأمانة والأمن، فهذه الألفاظ الثلاثة تنتمي إلى مادة واحدة … فالإيمان هو التصديق الذي معه أمن، وليس من شأن القلب -ما لم يكن مطبوعًا عليه- أن يطمئن إلى الباطل…
وقد جعل الشرع الصلاة أمانة والزكاة أمانة وتربية الأولاد أمانة،. وكل تكليف من تكاليف الشرع أمانة، ولا إيمان لمن لا أمانة له، فإذا أدى الناس هذه الأمانات تحقق الإيمان وشعروا بالراحة الكاملة نتيجة الإيمان وأداء الأمانة، فالأمن إذًا نتيجةٌ وليس فعلًا يمكن أن نفعله، وإنما هو ثمرة طيبة ونعمة من الله تعالى يتفضل بها علينا إذا آمنا. وكنا حريصين على آداء الامانات كل فى عمله وكل على حسب مسؤولياته .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى