سجلت أسعار الذهب العالمية تراجعًا ملحوظًا خلال تداولات الأسبوع الماضي، حيث شهد المعدن الأصفر أكبر انخفاض أسبوعي له منذ نوفمبر من العام الماضي.
ويأتي هذا التراجع في إطار حركة تصحيح سلبية للأسعار بعد بلوغها مستويات تاريخية في أبريل الماضي، بالتزامن مع تهدئة التوترات التجارية العالمية وارتفاع قيمة الدولار الأمريكي.
هبوط حاد في سعر أونصة الذهب عالميًا
سجل سعر أونصة الذهب انخفاضًا بنسبة 3.6% خلال الأسبوع الماضي، حيث بدأ التداول عند مستوى 3325 دولار للأونصة، ليصل إلى أدنى مستوياته منذ أكثر من شهر عند 3120 دولار، ويغلق التداولات الأسبوعية عند 3204 دولار للأونصة.
ووفق تقرير شركة جولد بيليون، فإن الذهب تراجع بنسبة 10% مقارنة بأعلى مستوى تاريخي له عند 3500 دولار للأونصة، وذلك رغم أنه ما زال يحتفظ بمكاسب سنوية بلغت 22% منذ بداية عام 2025، بعد أن كان قد سجل ارتفاعًا بنسبة 27% خلال عام 2024 بأكمله.
تهدئة النزاع التجاري تضعف شهية الملاذات الآمنة
توصلت الولايات المتحدة والصين إلى هدنة بشأن الرسوم الجمركية المتبادلة التي كانت قد أُعلنت في أبريل، ما انعكس إيجابًا على معنويات المخاطرة في الأسواق وأدى إلى تراجع الطلب على الذهب كملاذ آمن.
هذا الاتفاق عزز من الآمال نحو المزيد من التهدئة التجارية وأدى إلى تفاؤل الأسواق بإمكانية عقد اتفاقيات جديدة مع اقتصادات كبرى أخرى، ما تسبب في توجه المستثمرين إلى الأصول عالية المخاطر وابتعادهم عن الذهب.
قوة الدولار تضغط على الذهب
سجل الدولار الأمريكي ارتفاعًا للأسبوع الرابع على التوالي ليبلغ أعلى مستوياته في شهر، بالتزامن مع صعود عوائد السندات الحكومية الأمريكية، ما شكل ضغطًا سلبيًا إضافيًا على أسعار الذهب نتيجة العلاقة العكسية بين الذهب والدولار.
وفي السياق الجيوسياسي، صرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن الولايات المتحدة تقترب من إبرام اتفاق نووي مع إيران، وهو ما قلل من حدة التوترات السياسية العالمية، وساهم بدوره في تقليص الإقبال على الذهب.
عوامل دعم مستمرة لأسعار الذهب رغم التراجع
ورغم الضغوط السلبية، لا تزال هناك عوامل دعم قائمة قد تُسهم في الحفاظ على أسعار الذهب أو دعم ارتفاعها مجددًا، أبرزها الطلب القوي من البنوك حول العالم، وخاصة من الصين، إلى جانب زيادة الإقبال من المستثمرين الصينيين على الذهب.
أفادت بيانات مجلس الذهب العالمي بأن صناديق الذهب المتداولة في البورصة شهدت خلال أبريل أعلى تدفقات شهرية منذ مارس 2022، مدفوعة بالأداء القوي للصناديق المدرجة في السوق الصينية.
البنك المركزي الصيني يواصل دعم احتياطيات الذهب
أظهرت بيانات رسمية من البنك المركزي الصيني أن الصين أضافت الذهب إلى احتياطياتها الرسمية خلال شهر أبريل للمرة السادسة على التوالي، ما يعكس استمرارية توجه الصين نحو تعزيز مخزونها من الذهب .
من جهة أخرى، كشف تقرير التزامات المتداولين الصادر عن لجنة تداول السلع الآجلة عن ارتفاع في عقود شراء الذهب الآجلة بمقدار 746 عقدًا خلال الأسبوع المنتهي في 13 مايو، مقابل زيادة في عقود البيع بلغت 2034 عقدًا، ما يشير إلى تزايد المضاربات على الذهب من قبل المستثمرين.
تراجع الذهب في السوق المصري بفعل العوامل الخارجية والداخلية
شهدت أسعار الذهب في السوق المحلي المصري انخفاضًا كبيرًا خلال الأسبوع الماضي نتيجة التراجع الحاد في السعر العالمي للمعدن، إضافة إلى الانخفاض التدريجي في سعر صرف الدولار مقابل الجنيه.
افتتح سعر الذهب عيار 21، وهو الأكثر تداولًا في مصر، تداولات اليوم السبت عند مستوى 4540 جنيهًا للجرام، وهو نفس المستوى الذي أغلق عنده أمس، بعد أن انخفض بقيمة 10 جنيهات عن سعر الافتتاح.
انخفاض أسبوعي كبير في الأسعار المحلية
سجل الذهب المحلي تراجعًا أسبوعيًا بلغ 185 جنيهًا للجرام، بنسبة تقارب 4%، حيث انخفض من 4725 جنيهًا للجرام في بداية الأسبوع إلى 4540 جنيهًا في نهايته، كما سجل أدنى مستوى له منذ حوالي خمسة أسابيع عند 4480 جنيهًا للجرام.
وفقًا للتحليل الفني لجولد بيليون، فإن السبب الرئيسي لهذا الانخفاض الكبير يعود إلى التراجع الحاد في أسعار الذهب العالمية، إلى جانب الهبوط التدريجي في سعر صرف الدولار بالبنوك، مما أضعف من عملية التسعير.
ارتفاع احتياطي النقد الأجنبي وتراجع تدريجي للدولار
أظهرت بيانات البنك المركزي المصري ارتفاعًا في احتياطي مصر من النقد الأجنبي ليبلغ 48.1 مليار دولار في أبريل، بزيادة قدرها مليار دولار منذ بداية العام، مقارنة بـ 47.3 مليار دولار في يناير، وهو ما يمثل نموًا بنسبة 34% مقارنة بالعام الماضي.
في سياق متصل، شهد الأسبوع الماضي بداية المراجعة الخامسة لصندوق النقد الدولي لبرنامج الإصلاح الاقتصادي في مصر، بعد أن وافق الصندوق على صرف الشريحة الرابعة من القرض بقيمة 1.2 مليار دولار في أبريل الماضي.
تأثير برنامج الإصلاح الاقتصادي على سوق الذهب المحلي
ساهمت هذه التطورات الاقتصادية في تهدئة سوق الصرف في مصر، ما أدى إلى تراجع تدريجي في سعر صرف الدولار، الأمر الذي انعكس سلبًا على أسعار الذهب المحلي، في ظل العلاقة الطردية بين الدولار وسعر الذهب في السوق المصرية.
فيما يتعلق بالتوقعات، تشير المؤشرات إلى أن أسعار الذهب العالمية قد تواجه مزيدًا من التقلبات في ظل استمرار ارتفاع الدولار وعوائد السندات، بينما لا تزال مستويات الطلب على الذهب من قبل المستثمرين والبنوك المركزية تشكل نقطة دعم مهمة في المدى المتوسط.
قد يهمك أيضا:-
