تتطور الأزمة بين روسيا و أوكرانيا يوم بعد يوم، وذلك بسبب ظهور أمر مستجد يجعل الأمور بينهما تتطور للأسوأ ، فعندما يتعلق الأمر باقتصاد وصادرات أوكرانيا التي تتحكم فيهما روسيا بعد حصار الموانيء الأوكرانية ومنع مرور السفن الأوكرانية، وذلك في الوقت الذي تمتلك فيه أوكرانيا كميات كبيرة من الحبوب تريد تصديرها، فإن الأمر يصبح أكثر صعوبة ليس فقط بالنسبة لأوكرانيا ولكن للعالم بسبب ارتفاع أزمة الأسعار التضخم العالمي.
وبعد قيام أوكرانيا بالإعلان عن حصادها ل26 مليون طن من الحبوب حتى الآن، تتصاعد التساؤلات حول ماذا ستفعل أوكرانيا بهذا الكم من المحصول في ظل غلق موانيها من قبل الأسطول الروسي؟
تحكم الروس في القمح الأوكراني
و قال محمد شرف أن المشكلة الرئيسية لأوكرانيا لا تكمن في الكمية التي حصدتها من الحبوب، ولكن المشكلة أن معظم الشركات التي تستولي على القمح الأوكراني هي شركات روسية، وهي التي تتصرف في كميات القمح وتبيع وتشتري، ولكن بأسماء وشركات مواطنين أوكرانين، لكن الذي يبيع و يحدد السعر هم الروس خاصة في منطقة مينا القرم التي يخرج منها معظم كميات القمح، بالتالي أوكرانيا لم يمكن لديها أي مشكلة في الكمية التي تحصدها، لأنه بالإضافة لحصادها هذا العام 26 مليون من القمح، فهي تمتلك رصيد من العام الماضي حوالي من 10ل12 ألف طن.
وأضاف محمد شرف عضو شعبة مطاحن 72% بغرفة الحبوب باتحاد الصناعات في تصريحات خاصة لـ « بيزنس 24» أن المشكلة في مصر من الأزمة بين روسيا و أوكرانيا ليست في الكميات التي تستوردها مصر ولكن هي مشاكل الدولار ومشاكل حاصلات الدولار، و حاليًا أسعار الحبوب ثابتة لفترة وانخفضت من 320 ل325 دولار.
الاقتصاد الأوكراني لم يتأثر بالحصار الروسي
وأوضح شرف أن الاقتصاد الأوكراني لم يتأثر نتيجة ضعف تصدير منتجاتها من الحبوب بسبب الحصار الروسي للموانئ الأوكرانية، حيث أن كل العملات، سواء دولار أو يورو، تدخل بنوك روسيا وأوكرانيا، ولكن المشكلة الرئيسية هي أن روسيا تقوم بضرب الصوامع والموانيء الأوكرانية وذلك سبب لهم إزعاج ومشكلة.
تأثير الحرب الروسية على الاقتصاد العالمي
من جانبه أكد أحمد معطي أن روسيا و أوكرانيا أكثر الدول امتلاكًا وتصديرًا للحبوب بأسعار منخفضة وجودة مناسبة، بالتالي العالم يعتمد عليهما بشكل كبير في استيراد الحبوب، ولاحظنا جميعًا منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية تأثيرها على التضخم في العالم بأكمله في موضوع الغذاء.
أزمة اقتصادية جديدة لكن ليس بنفس القوة
وأشار أحمد معطي الخبير الاقتصادي و المدير التنفيذي لشركة VI Markets في تصريحات خاصة لـ « بيزنس 24» إلى أن تكرار الأزمة سيجعل الأمر يعود لبدايته ولكن ليس بنفس القوة، فبعد حصار الموانيء الأوكرانية (الأزمة الأولى) ارتفعت أسعار الحبوب خاصة القمح الذي ارتفع بنسبة حوالي 5 %، كذلك الذرة أيضًا ارتفعت 5% في السعر العالمي، ولكن هذا لم يؤثر حتى الآن على الدول التي تمتلك مخزون من هذه السلع، واستمرار الأمر يجعلنا نشهد ارتفاع جديد في أسعار الحبوب، وكذلك تزاد أسعارها في مصر لأن مصر أكبر مستورد للحبوب.
و أكد معطي أنه في حالة حدوث أزمة ثانية، فإن الارتفاعات القادمة في الأسعار لن تكون بنفس القوة السابقة؛ لأن في هذه المرة روسيا تقوم بتصدير الحبوب ولكن أوكرانيا هي التي لديها مشكلة في تصديره بسبب الحصار الروسي لها، ولكن في المرة السابقة عندما ارتفعت أسعار الحبوب في الأزمة الأولى بداية من مارس 2021 كان كلتا الدولتين لم يقوموا بتصدير الحبوب للعالم فكانت “الضربة مزدوجة” للغذاء.
الممرات المؤقتة ليست حل مثالي للحصار الروسي
وعلق معطي على الممرات المؤقتة التي تصطنعها أوكرانيا الوقت الحالي كوسيلة للتخلص من الحصار الروسي للموانئ الأوكرانية ، وأوضح معطي أن هذه الممرات هي مؤقتة بالتالي هي ليست حل مثالي للتغلب على الحصار الأوكراني، لأن الكميات التي تمتلكها أوكرانيا من الحبوب أكبر من أن تستوعبها تلك الممرات، هو ممر وليس مكان مفتوح لعبور كميات من المنتجات، بالتالي يستوعب الممر كمية أقل، ولكن هي تحاول تهدئة الوضع، لأن أوكرانيا في حصار اقتصادي و لديها مخزون كبير من السلع و تخشى فساده مع مرور الوقت، وهو حصار اقتصادي لأوكرانيا قبل أي دولة أخرى.
وأكد معطي على أن الحصار الاقتصادي الروسي نقطة ضغط من الرئيس الروسي بوتين على أوكرانيا و تمثل ضربة شديدة لأوكرانيا، حيث يعد تصديرها الحبوب مكسب رئيسي لها.
تحركات مصر جراء الأزمة بين روسيا و أوكرانيا
أوضح معطي أن مصر اتخذت إجراءات عديدة منها زيادة المساحة المزروعة من الحبوب وخاصة القمح، وبدأت في البحث عن أسواق بديلة عن روسيا وأوكرانيا، لذلك أجرت اتفاقات مع الهند ودول أخرى لاستيراد الحبوب.
وبفضل تلك الإجراءات أسعار القمح في مصر مستقرة بالرغم من الأزمة بين روسيا و أوكرانيا.