انخفاض ملحوظ في تجارة دقيق القمح العالمية: تأثيرات وتحديات على الصادرات والواردات

بعد أن شهدت تجارة دقيق القمح العالمية طفرة غير مسبوقة العام الماضي، حيث وصلت إلى أعلى مستوى لها خلال ست سنوات، يتوقع مجلس الحبوب الدولي انخفاضاً بنسبة 6% في موسم 2024-2025. يأتي هذا الانخفاض بعد وصول التجارة إلى 17 مليون طن في موسم 2023-2024، ومن المتوقع أن تنخفض إلى 15.9 مليون طن هذا العام.

يُعزى هذا التراجع بشكل رئيسي إلى انخفاض الطلب من بعض أكبر مستوردي الدقيق، وتغيرات في سياسات التصدير لدى بعض الدول المصدرة.

 انخفاض الطلب من العراق وأفريقيا جنوب الصحراء

أحد العوامل الرئيسية في تراجع تجارة الدقيق هو انخفاض واردات العراق، ثاني أكبر مستورد للدقيق في العالم، فقد قررت السلطات العراقية تقليص مشترياتها بنحو 200 ألف طن بسبب وفرة الإمدادات المحلية والعروض الخارجية الأقل جاذبية، وهو ما يجعل واردات العراق في موسم 2024-2025 متوقعة عند أدنى مستوياتها منذ موسم 2012-2013.

كما تأثرت منطقة أفريقيا جنوب الصحراء بانخفاض الطلب، حيث تم تعديل وارداتها المتوقعة بالخفض إلى 2.6 مليون طن بعد أن بلغت مستويات قياسية وصلت إلى 3.1 مليون طن العام الماضي، يأتي هذا التراجع نتيجة تحسن الإنتاج المحلي لدى بعض الدول وارتفاع تكاليف الاستيراد.

تراجع صادرات تركيا

تركيا، أكبر مصدر للدقيق في العالم، تشهد تراجعاً ملحوظاً في صادراتها بسبب الحظر المؤقت الذي فرضته على استيراد القمح هذا العام، والذي خُفف جزئياً مؤخراً، ومع ذلك، فإن التأثيرات ما زالت واضحة، حيث قُدرت شحنات الدقيق التركية في أول شهرين من موسم التجارة الحالي بنحو 700 ألف طن، مما يمثل انخفاضاً بأكثر من الثلث عن نفس الفترة من العام السابق.

ومن المتوقع أن تصل صادرات تركيا الإجمالية هذا الموسم إلى 4.4 مليون طن، وهو انخفاض كبير عن الرقم القياسي الذي بلغ 5.7 مليون طن في الموسم السابق.

نمو في صادرات كازاخستان وسط تزايد الإنتاج

في المقابل، تتجه كازاخستان إلى تعزيز صادراتها من الدقيق هذا الموسم، حيث رفعت تقديرات شحناتها بنحو 300 ألف طن، لتصل إلى 3.2 مليون طن، وهو أعلى مستوى لها في سبع سنوات، ومن المتوقع أن يتم توجيه الجزء الأكبر من هذه الصادرات إلى أفغانستان، التي تعد أكبر مستورد للدقيق في العالم، حيث زادت وارداتها المتوقعة هذا الموسم بنحو 250 ألف طن لتصل إلى 3.3 مليون طن.

تحديات جودة المحاصيل وأثرها على التصدير

رغم التفاؤل بزيادة صادرات كازاخستان، إلا أن هناك قلقاً متزايداً بشأن جودة المحاصيل المحلية، حيث أشارت اللجنة الدولية للحبوب إلى وجود مشاكل في جودة الدقيق المنتج هذا الموسم، مما يثير تساؤلات حول قدرة كازاخستان على تلبية الطلب المتزايد بكفاءة عالية، خاصة في ظل المنافسة الشديدة في سوق الدقيق العالمية.

نظرة مستقبلية

يُتوقع أن يستمر الضغط على سوق الدقيق العالمي مع التراجع في الطلب من بعض الأسواق الكبرى، مثل العراق وأفريقيا جنوب الصحراء، بالإضافة إلى تحديات التصدير التي تواجهها تركيا.

قد يتسبب هذا التراجع في تخفيف الضغط على العرض العالمي للدقيق، مما يؤدي إلى استقرار نسبي في الأسعار، لكنه قد يضغط على الدول المصدرة، التي ستسعى للحفاظ على حصصها في الأسواق العالمية من خلال تحسين جودة المنتجات واستهداف أسواق بديلة.

 تحولات في التجارة العالمية للدقيق وتحديات مستمرة

تواجه تجارة دقيق القمح العالمية تحديات كبيرة هذا الموسم، مع تقلبات في الطلب من الأسواق الرئيسية وتغيرات في سياسات التصدير، سيظل التوجه نحو تعزيز الإنتاج المحلي وتوسيع الشراكات التجارية أمراً ضرورياً للدول الراغبة في الحفاظ على استقرار إمدادات الدقيق، وتحقيق الاستدامة في هذا القطاع الحيوي.

للمزيد من الأخبار الاقتصادية عن الأمن الغذائي والزراعة زور صفحتنا على فيسبوك من هنا:

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى