
تشهد مصر ارتفاع كبير في حجم صادراتها من المحاصيل الزراعية، ويصاحب ذلك فترات تأزم تمر بها الدول التي تستورد من مصر.
ويرصد موقع «بيزنس 24» في التحقيق التالي طبيعة الأزمات في تلك الدول، والدور الذي تقوم به مصر في مساندتها.
الدول العربية تتجه لاستيراد البصل من مصر
هناك بعضًا من التغيرات التي طرأت على مستوى العالم، من جفاف في الهند وسيول في باكستان أدت إلى انخفاض إنتاجية البصل في بعض البلاد، بالإضافة إلى الجفاف في أوروبا الذي أثر على إنتاجها من المحاصيل أيضًا.
وفي هذا الصدد قال حسين عبد الرحمن، النقيب العام للفلاحين، أن الأزمات التي مرت بها الهند وباكستان وأوروبا، والتي تسببت في تناقص إنتاجية البصل في كلًا منها أدت إلى أن معظم الدول العربية التي كانت تستورد من تلك البلاد بدأت تتهافت على البصل المصري، مشيرًا إلى أننا صدرنا كميات كبير من البصل للوطن العربي هذا العام تزيد عن 350 ألف طن.
وأكد على أنه عند حدوث أزمات في إنتاج البصل نجد أن جميع الدول تلجأ إلى مصر
ومن جانبة قال حاتم النجيب، نائب رئيس شعبة الخضراوات والفاكهة بالاتحاد العام للغرف التجارية إن محصول البصل في الهند تضرر بفعل الفيضانات التي اجتاحت الأراضي الزراعية، ولذلك لجأت الدول العربية التي كانت معتمدة على الاستيراد منها إلى مصر.
وفَسَر «النجيب» ذلك بأن أي منتج على مستوى العالم يتأثر بالحالة الجوية أو غيرها من العقبات، التي يُهدد العالم كله ويؤثر على المواطن العالمي، لأنه يؤثر بشكل مباشر على الأمن الغذائي، مما يدفع كل دولة لاتخاذ الإجراءات اللازمة لتحقيق لتلافي تلك الأزمات.
أزمة السودان
تشهد السودان حربًا مستمرة منذ 4 أشهر، وتسببت الحرب بشلل كامل في الحركة التجارية ما ينذر بندرة في الغذاء خاصة بعد توقف حركة الواردات وتعطل الإنتاج في المصانع.
وتعد مصر أقرب معبر لها ولذلك لجأت السودان إلى الاستيراد منها، لكي تستطيع أن تلبي احتياجات الشعب.
وهنا نجد أن أدهم شرقاوي، صاحب مصنع مكرونة دهب، يقول: «إن صادرات المكرونة إلى السودان ارتفعت في ظل الحرب وانهيار البنية التحتية في السودان ووقف مصانعها، بالإضافة إلى أن الدول التي اعتادت الاستيراد منها ترفض «التوريد لها الان.
كما أكد محمد شرف، عضو شعبة المطاحن 72٪ بغرفة الحبوب، على ما قاله بأنه بعد الحرب تعطلت المطاحن و الأسواق و الموانئ الخاصة بالسودان بريًا وجويًا وبحريًا مما سبب عجز في كميات المكرونة و الدقيق لديهم، فحتى إذا استطاعوا الاستيراد لا يوجد ميناء لاستقبال البضائع.
تصدير المكرونة للسودان في الماضي
وعاد «شرقاوي» ليؤكد على أنه في السابق كانت السودان ترفض استيراد المكرونة المصرية عندما كانت قيمة العملة السودانية كبيرة و ظروف البلاد جيدة، فكانوا يتجهون لشراء الأنواع الأفخر من المكرونة.
موضحًا أنها كانت تعتمد في الاستيراد على تركيا و إسرائيل و السعودية و إيطاليا، ولكن عندما بدأت في الأنهيار اتجهت لاستيراد أنواع المكرونة الجيدة من مصر، و عند تدهور أحوالهم تمامًا أصبحوا يستوردوا أنواع المكرونة الشعبية الرخيصة.
كما أشار «شرقاوي»، إلى أن الشحن بين مصر و السودان يتم بريًا، وتلك هى الميزة الكبيرة التي جعلتنا نستفيد من القرب الجغرافي في زيادة صادراتنا للسودان.
أرخص سعر بالسوق
وأضاف سبب أخر لاستيراد السودان المكرونة من مصر، وهو أن سعر المكرونة في مصر هو الأرخص على مستوى العالم، حيث تباع المكرونة ب 20 جنيهًا للكيلو و هو ما يعادل حوالي نصف دولار، و هو سعر غير متوافر في أي دولة أخرى بالعالم حتى الصين و الهند.
تابع قائلًا: «وهذا ما جعل شركات مصرية تصدر لأستراليا، حيث يسجل ثمن كيلو المكرونة المصري أقل من تكلفة تصنيعه خارج البلاد».
كيف استفادت مصر من أزمات الدول المجاورة؟
استطاعت مصر الاستفادة من جميع الأزمات السابقة وأخرى أيضًا في إنعاش سوق العديد من المنتجات عن طريق زيادة حجم الصادرات، ونعرضها لكم جميعها بالتفصيل.
الاستفادة من أزمة البصل
واستكمالًا لأزمة البصل التي تحدثنا عنها فيما سبق، نوضح أيضًا كيف استفادت مصر منها، من خلال ما ورد في حديث «عبد الرحمن»، الذي أكد على أن فرض الهند لرسوم على التصدير يزيد من قيمة البصل المصري بحيث يزيد الطلب عليه مما يحقق فائدة للشركات المصرية المصدرة والتجار، واتجاه العديد منها للتصدير.
الاستفادة من أزمة السودان
تحدثنا عن حرب السودان والضرر الذي تسببت به، وأنها كانت سببًا رئيسيًا لزيادة صادرات مصر من المكرونة والدقيق، وهنا نستعرض الفرق الذي خلقته الأزمة في حجم الصادرات المصرية.
ونستدل على ذلك بما أشار إليه «شرف»، وهو أن السودان استوردت من مصر خلال الشهرين الأخيرين 3 مليون طن دقيق ونحو 1.5 مليون طن مكرونة و هذا ما جعل السوق ينتعش الفترة الأخيرة بسبب حجم الصادرات الكبير.
موضحًا أن مصر لم تكن تصدر رُبع الكميات التي تصدر الآن للسودان من دقيق ومكرونة، فنسبة صادراتنا للسودان الآن لم تكن تتعدى 10% مما هو متاح في الوقت الحالي.
الأولى عالميًا في تصدير المكرونة
وبالإضافة إلى الإنجازات الحالية التي تحققها مصر في حجم صادراتها من المكرونة، يمكنها استغلال فترة الانتعاش الحالية لسوق المكرونة في تحقيق إنجازات أكبر.
وهذا ما دعا له «شرقاوي» في مستهل حديثه قائلًا: «إذا قدمت الدولة لنا المزيد من التسهيلات في أوراق التصدير لتشجيع تصدير المكرونة يمكننا أن نصبح الدولة الأولى في العالم في تصدير المكرونة».
مبينًا أنه إذا تم فتح التصدير بشكل كامل في مصر سيزداد الطلب على المكرونة المصرية بشكل كبير بسبب انخفاض أسعار تصديرها.
التصحر بموريتانيا
كما تعاني موريتانيا حاليًا من التصحر حتى أنه وصل إلى عاصمتها، مما دفع الحكومة الموريتانية إلى إنشاء مشروع تشجير 10 مليون شجرة حول العاصمة لحمايتها من التصحر.
هذا ما قاله هاني بسيوني، مدير عام شركة الوادي الأخضر لمستلزمات الري الحديث، وأكدت عليه التقارير العالمية.
واستكمل «بسيوني»، حديثه قائلًا: «وبالتالي نحاول الاستفادة من تلك الفترة التي تمر بها موريتانيا، حيث أن أزمة التصحر بها تجعلهم في حاجة ماسة إلى زيادة المساحة المزروعة، فيدفعهم ذلك إلى زيادة النشاط الزراعي والذي يحتاجون به «العديد من مستلزمات الري.
أزمة أوكرانيا وروسيا
ومن الأزمات الهامة التي تم تداولها في فترة سابقة ولايزال تأثيرها قائم على كل دول العالم هى الحرب الروسية الأوكرانية، والتي كان لها تأثير على ارتفاع أسعار العلف في مصر، إلا أنها أثرت إيجابيًا في الوعي بالثروة السمكية في مصر.
وهنا أفاد حسين محمد، خبير الاستزراع السمكي، أثناء حديثه عن تطوير مشروعات الاستزراع السمكي، بأن تأثير أزمة أوكرانيا وروسيا على الثروة السمكية في مصر كان له جانبين: جانب إيجابي و أخر سلبي.
وأوضح ذلك بقوله: «أنه على الرغم من أنها أدت إلى ارتفاع في أسعار مدخلات الإنتاج (المكونات العلفية) مما أثر على زيادة تكلفة الإنتاج، إلا أن الأزمة استطاعت أن تلفت انظارنا إلى وجود ثروة سمكية نستطيع تنميتها و تنشيطها اعتمادًا على «إنتاج البروتين السمكي من الإنتاج المحلي وألا نعتمد فقط على الاستيراد.