
في تحرك ملحوظ داخل أسواق المعادن النفيسة، شهدت أسعار الذهب العالمي ارتفاعًا خلال تعاملات يوم الأربعاء، حيث أقبل المستثمرون على الشراء عند انخفاض الأسعار في الجلستين السابقتين. ورغم أن هذا الصعود جاء محدودًا، إلا أنه كان كافيًا لدفع الأونصة إلى أعلى مستوى بلغ 3323 دولارًا، وفقًا لما نقلته منصة جولد بيليون.
بدأت جلسة تداول الذهب العالمية عند مستوى 3304 دولارات للأونصة، قبل أن تشهد ارتفاعًا بنسبة 0.5% مدفوعًا بزيادة الطلب من المستثمرين، خاصة بعد أن تراجع سعر الذهب يوم الثلاثاء إلى ما دون مستوى 3300 دولار، مقتربًا من نقطة دعم مهمة حول 3285 دولارًا للأونصة. هذا المستوى جذب اهتمام المشترين مجددًا، مما ساعد الذهب على استعادة بعض من قوته والصعود فوق حاجز 3300 دولار مجددًا.
ورغم هذا الأداء الإيجابي، إلا أن حالة التفاؤل في الأسواق بشأن تخفيف حدة التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي كانت سببًا رئيسيًا في الحد من مكاسب الذهب. فقد أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تراجعه عن تنفيذ قراره بفرض رسوم جمركية بنسبة 50% على منتجات الاتحاد الأوروبي، مؤجلاً تنفيذها حتى 9 يوليو المقبل لمنح فرصة للمفاوضات الجارية.
هذا القرار خفف من زخم الصعود الذي شهده الذهب، إلا أن المخاوف المستمرة بشأن الوضع التجاري والمالي في الولايات المتحدة، إلى جانب عدم وضوح الرؤية بشأن مستقبل السياسات الاقتصادية، لا تزال تمثل داعمًا رئيسيًا للأسواق نحو الذهب.
من ناحية أخرى، يتوقع أن تدخل عدة قرارات للرئيس ترامب بشأن فرض رسوم جمركية متبادلة مع عدد من الاقتصادات الكبرى حيز التنفيذ في يوليو، غير أن تراجعه الأخير عن رسوم الاتحاد الأوروبي عزز الآمال في تراجع حدة السياسات الحمائية الأخرى.
أسواق الأسهم الأمريكية بدورها تفاعلت إيجابيًا، إذ سجلت مؤشرات وول ستريت ارتفاعات قوية، مدعومة بتقارير إيجابية عن ثقة المستهلك الأمريكي، مما عزز بدوره الأصول ذات المخاطر العالية وأضعف من جاذبية الذهب بشكل جزئي.
وفي سياق متصل، ينتظر المستثمرون بيانات اقتصادية مهمة خلال الأيام القادمة، أبرزها محضر اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي، وتصريحات عدد من أعضائه، بالإضافة إلى بيانات نفقات الاستهلاك الشخصي، والتي تُعد المقياس المفضل للتضخم لدى البنك المركزي الأمريكي.
أما الدولار الأمريكي، فقد حاول التعافي خلال جلسات هذا الأسبوع وحقق بعض المكاسب لليوم الثاني على التوالي، مبتعدًا عن أدنى مستوى سجله منذ شهر، إلا أن زخم هذا الارتفاع كان ضعيفًا نتيجة استقرار عوائد السندات الأمريكية، وهو ما قد يدعم الذهب لمزيد من الصعود في حال استمر الدولار في حالة من التذبذب.
وفي جانب مهم، أعلن مجلس الذهب العالمي عن ارتفاع صافي التدفقات النقدية إلى صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالذهب المادي بمقدار 3.2 طن خلال الأسبوع المنتهي في 23 مايو، وهو ما يمثل تعافيًا واضحًا مقارنة بالأسبوع السابق، الذي شهد سحبًا قدره 30.3 طن.
الذهب في السوق المصري
شهدت أسعار الذهب المحلية في مصر ارتفاعًا ملحوظًا في بداية تعاملات اليوم، بدعم من الصعود العالمي لسعر الأونصة وارتداد الذهب قبل إغلاق جلسة الأمس، الأمر الذي زاد من زخم الحركة السعرية في السوق المحلي. فقد ارتفع سعر جرام الذهب عيار 21، وهو الأكثر تداولًا، من 4620 جنيهًا بالأمس إلى 4645 جنيهًا في بداية تعاملات اليوم.
ورغم هذه الزيادة، فإن استمرار تراجع سعر صرف الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري في البنوك الرسمية يضع ضغطًا على الذهب المحلي، حيث يلعب الدولار دورًا أساسيًا في تسعير المعدن الأصفر محليًا. وأفادت البيانات أن سعر الدولار في البنك الأهلي المصري بلغ نحو 49.76 جنيه للشراء و49.86 جنيه للبيع.
وأصدر صندوق النقد الدولي بيانًا بمراجعته الخامسة للاقتصاد المصري، مشيرًا إلى تقدم ملحوظ في مسار الإصلاح الاقتصادي، كما رفع توقعاته لنمو الناتج المحلي خلال السنة المالية 2024 – 2025 إلى 3.8%، الأمر الذي يساهم في تعزيز ثقة المستثمرين بالاقتصاد المصري ويؤثر بشكل غير مباشر على تحركات الذهب.
توقعات الذهب
في ضوء التغيرات الحالية، من المرجح أن تظل تحركات الذهب العالمي والمحلي رهينة عدة عوامل، أبرزها بيانات التضخم الأمريكية المرتقبة، وتوجهات البنك الفيدرالي، وكذلك تقلبات الدولار وعوائد السندات الأمريكية، إلى جانب استمرار حالة عدم اليقين بشأن الملف التجاري الدولي.
الذهب العالمي لا يزال يجد دعمًا فنيًا عند منطقة 3285 دولارًا للأونصة، مع سعي واضح نحو الاستقرار أعلى من 3300 دولار، بينما يواصل الذهب المحلي تفاعله الإيجابي مع هذه المستويات العالمية، متجاوزًا مستوى 4600 جنيه للجرام ومقتربًا من 4650 جنيهًا.
إقرأ المزيد:
جولد بيليون: الذهب يتراجع عالميًا بنسبة 1.1% مع تعافي الدولار الأمريكي
جولد بيليون: الذهب يتراجع عالميًا بنسبة 1.1% مع تعافي الدولار الأمريكي