
شهدت أسعار الذهب العالمية ارتفاعًا ملحوظًا خلال تداولات اليوم، حيث لامست أعلى مستوى لها منذ أسبوعين، مدفوعة بعودة قوية في الطلب على الملاذات الآمنة وسط أجواء من عدم اليقين تسود الأسواق العالمية.
ويأتي ذلك في ضوء تزايد القلق بشأن الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة، إلى جانب حالة الحذر التي تسبق اجتماع البنك الاحتياطي الفيدرالي المرتقب هذا الأسبوع.
ووفقًا لتقارير جولد بيليون، ارتفع سعر أونصة الذهب بنسبة 1.3%، ليصل إلى مستوى 3387 دولارًا للأونصة، بعدما افتتح التداول عند 3333 دولارًا، ويتداول حاليًا بالقرب من 3379 دولارًا للأونصة. ويُعد هذا الأداء استكمالًا للمكاسب التي سجلها المعدن الأصفر خلال جلسة أمس، والتي بلغت نسبتها 2.9%.
تعود هذه المكاسب إلى زيادة زخم الشراء على الذهب، بعد تصاعد وتيرة التقلبات المالية، وعودة المستثمرين إلى الأصول الآمنة، في ظل تزايد حالة الترقب بشأن مصير السياسات التجارية الأمريكية، خاصة بعد تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي هزت الأسواق.
ترامب يشعل التوتر التجاري مجددًا والأسواق تترقب الفيدرالي
أعلن ترامب يوم أمس عزمه فرض رسوم جمركية على الأدوية خلال الأسبوعين المقبلين، ما أثار مخاوف جديدة في الأسواق بشأن تصعيد إضافي في الحرب التجارية. كما سبق وأن أصدر أوامر بفرض رسوم بنسبة 100% على جميع الأفلام الأجنبية المُنتجة داخل الولايات المتحدة، ما زاد من ضبابية المشهد التجاري العالمي.
في المقابل، صرح وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت بأن هناك مؤشرات إيجابية بشأن تقدم في المحادثات التجارية مع الصين خلال الأسابيع المقبلة، بينما أكدت بكين الأسبوع الماضي أنها تدرس إمكانية استئناف المفاوضات مع واشنطن، مما بعث بعض التفاؤل المحدود في الأسواق.
ورغم هذه الآمال، استمر المستثمرون في التحوط من المخاطر عبر الذهب، خاصة مع استمرار الغموض حول توقيت وفعالية فرض الرسوم الجديدة. وكانت تلك الرسوم قد دفعت الذهب في الأسبوع الماضي إلى أدنى مستوياته في أسبوعين، لكنه استعاد زخمه مع بداية هذا الأسبوع مع عودة العوامل المحفزة للشراء.
الفيدرالي في دائرة الضوء والتوقعات تشير إلى تثبيت الفائدة
تتجه الأنظار حاليًا نحو اجتماع البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي المرتقب يوم الأربعاء، حيث يترقب المستثمرون قراره بشأن أسعار الفائدة، إضافة إلى التصريحات المتوقعة من رئيس البنك جيروم باول بشأن مستقبل السياسة النقدية.
وتشير التوقعات الحالية إلى أن الفيدرالي سيُبقي أسعار الفائدة دون تغيير، عند النطاق الحالي بين 4.25% و4.50%، وهو المستوى الثابت منذ ديسمبر الماضي. لكن الاجتماعات المقبلة للبنك قد تشهد تباينًا في الرؤى، نظرًا لتأثيرات الرسوم الجمركية التي قد تؤثر على النظرة المستقبلية للاقتصاد الأمريكي.
من جانبها، أفادت مؤسسة جولدمان ساكس بأن أعضاء الفيدرالي سيحتاجون لمزيد من البيانات المتعلقة بالتضخم وسوق العمل والنمو الاقتصادي، قبل اتخاذ قرار بخفض الفائدة، ما قد يستغرق شهرين على الأقل. ووفقًا لتوقعات المؤسسة، من المحتمل تنفيذ ثلاث خفضات متتالية في الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في يوليو وسبتمبر وأكتوبر.
البنوك المركزية تواصل شراء الذهب ومجلس الذهب يرصد صافي مشتريات قوي
فيما يخص الطلب المادي على الذهب، أظهرت بيانات مجلس الذهب العالمي أن البنوك المركزية واصلت تعزيز احتياطياتها من الذهب خلال شهر مارس، إذ بلغ صافي المشتريات نحو 17 طنًا، ما يعكس استمرار قوة الطلب بنهاية الربع الأول من العام.
وقد بلغت إجمالي المبيعات خلال الشهر نحو 18 طنًا، وهو ما تم تجاوزه بواسطة حجم المشتريات من البنوك. وتصدر البنك المركزي البولندي قائمة المشترين بواقع 16 طنًا، تلاه البنك الكازاخستاني بـ11 طنًا، ثم البنك المركزي الصيني الذي اشترى 3 أطنان.
ويأتي هذا التوجه الاستراتيجي من البنوك المركزية مدفوعًا برغبتها في تنويع الأصول وتعزيز الحماية من تقلبات العملات، خاصة في ظل التوترات الجيوسياسية وتزايد المخاوف من تباطؤ اقتصادي عالمي محتمل.
الذهب المحلي يواصل الصعود ويسجل 4800 جنيه للجرام
على الصعيد المحلي، استمرت أسعار الذهب في السوق المصرية في تسجيل ارتفاعات جديدة خلال تداولات اليوم، مدعومة بالارتفاع القوي في أسعار الذهب العالمية، واستقرار سعر صرف الدولار أمام الجنيه المصري داخل البنوك.
وقد افتتح سعر الذهب عيار 21 – وهو الأكثر تداولًا في مصر – تعاملات الثلاثاء عند 4795 جنيهًا للجرام، ليصل وقت كتابة التقرير إلى 4800 جنيه، بعد أن كان قد أغلق جلسة أمس عند 4740 جنيهًا، مرتفعًا بمقدار 90 جنيهًا مقارنة بسعر افتتاح الأمس البالغ 4650 جنيهًا للجرام.
وساهم استقرار الدولار في دعم مكاسب الذهب المحلي، حيث أن تسعير المعدن في السوق المحلي بات يتأثر بشكل مباشر بتحركات سعر أونصة الذهب عالميًا، خاصة مع وجود حالة من الترقب في السوق المحلية لأي تغيرات مفاجئة في الأسعار.
مؤشرات الاقتصاد المحلي بين الانكماش والتحسن في الاستثمارات
أظهرت بيانات مؤشر مديري المشتريات الصادرة مؤخرًا استمرار انكماش القطاع الخاص غير النفطي في مصر خلال شهر أبريل، حيث سجل المؤشر 48.5 نقطة مقارنة بـ49.2 نقطة في مارس، ليحقق أدنى قراءة له منذ بداية عام 2025. ويعد المستوى 50 نقطة هو الفاصل بين التوسع والانكماش في النشاط الاقتصادي غير النفطي.
وفي المقابل، كشف البنك المركزي المصري عن ارتفاع صافي الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 9.3% خلال النصف الثاني من العام الماضي، ليصل إلى 6.04 مليار دولار، ما يعكس تحسنًا نسبيًا في شهية الاستثمار الخارجي داخل الاقتصاد المصري.
كما شهدت تحويلات العاملين بالخارج قفزة كبيرة، حيث سجلت ارتفاعًا بنسبة 80.7% في النصف الأول من العام المالي الجاري، لتبلغ 17.1 مليار دولار، مقارنة بـ9.4 مليار دولار في نفس الفترة من العام المالي السابق، ما يعزز من قوة التدفقات المالية الواردة إلى البلاد.
توقعات فنية بمواصلة صعود الذهب عالميًا ومحليًا
أفادت توقعات جولد بيليون بأن الذهب العالمي قد يواصل مكاسبه، خاصة إذا تمكن من الإغلاق أعلى مستوى 3370 دولارًا للأونصة، وهو ما يمثل اختراقًا فنيًا لمستوى التصحيح 23.6%. وفي حال تحقق ذلك، فإن الباب سيكون مفتوحًا أمام الذهب للوصول إلى مستوى 3400 دولار ثم استهداف قمته التاريخية عند 3500 دولار للأونصة.
أما بالنسبة للسوق المحلية، فيتداول الذهب عيار 21 حاليًا عند مستوى 4800 جنيه، بعد أن استعاد زخمه الصعودي عقب فترة من التصحيح السلبي. وتُشير التوقعات إلى أن اختراق مستوى 4800 جنيه سيفتح المجال لاستهداف مستويات 4850 جنيه ثم 4900 جنيه للجرام خلال الفترة القادمة.
قد يهمك أيضاً:-