جلسة حول الاقتصاد الدائري للبلاستيك في أفروبلاست: التحديات والفرص في مصر

دعا محمد مجيد، المدير التنفيذي للمجلس التصديري للصناعات الكيماوية والأسمدة، إلى توفير حوافز ومزايا جادة لإقامة بنية أساسية متطورة لجمع وإعادة تدوير المخلفات البلاستيكية. جاء ذلك خلال جلسة نقاشية بعنوان “الاقتصاد الدائري للبلاستيك”، التي عُقدت على هامش فعاليات معرض “أفروبلاست” (المعرض الإفريقي الدولي لماكينات ومنتجات البلاستيك والمطاط والصناعات غير المنسوجة).

تحديات البنية التحتية لإعادة التدوير

أشار مجيد إلى غياب بنية تحتية كافية لاستخدام المخلفات وإعادة تدويرها لإنتاج منتجات ذات قيمة مضافة قادرة على المنافسة في الأسواق الخارجية، مستشهدًا بالتجارب الناجحة للهند والصين في تحويل المخلفات إلى خامات أولية تُستخدم في الصناعة. وأكد على ضرورة تقديم حوافز حكومية مثل الإعفاءات الضريبية والتمويل الميسر لتأسيس منظومة صناعية تعتمد على الاقتصاد الدائري، بهدف إنتاج مواد مستدامة تنافسية.

وأضاف أن التكلفة المرتفعة لتحويل المخلفات وإنتاج مواد جديدة من خلال إعادة التدوير تشكل تحديًا كبيرًا للمصنعين، مشيرًا إلى الحاجة إلى مراكز تدريب لتأهيل العمالة للعمل على التكنولوجيا الحديثة والمعدات المتقدمة.

الأثر البيئي والمعوقات في الأسواق الدولية

أوضح مجيد أن المصنعين يواجهون متطلبات بيئية صارمة، لا سيما في الأسواق الأوروبية والأمريكية، التي تفرض قيودًا تتعلق بالبصمة الكربونية والمناخ، مما يضع عبئًا إضافيًا على الصادرات المصرية. وطالب بدمج المصانع غير الرسمية في الاقتصاد الرسمي وربطها بالمصانع المتخصصة في التدوير لتحسين كفاءة المنظومة.

كما استعرض التجارب الدولية في هذا المجال، مشيرًا إلى نجاح ألمانيا في خفض نسبة المواد الخام المستخدمة بنسبة 20%، مع تحقيق صادرات بقيمة 20 مليار دولار سنويًا من المنتجات البلاستيكية المعاد تدويرها. وأضاف أن حجم الصادرات العالمية من البلاستيك القابل للتحلل والمعاد تدويره يبلغ نحو 12 مليار دولار، تهيمن أوروبا على نصفها، بينما تأتي الولايات المتحدة والصين والهند ودول أخرى مثل جنوب إفريقيا والبرازيل في مراكز متقدمة.

أهمية الاقتصاد الأخضر وبدائل البلاستيك

شدد مجيد على أهمية تشجيع المصانع على تبني مفهوم الاقتصاد الأخضر، وربطها بالمراكز البحثية لتطوير منتجات مستدامة. كما طالب بدعم مبادرات مثل مشروع “باحث لكل مصنع” لنشر ثقافة إعادة التدوير وتحسين عمليات جمع وفرز المخلفات. وأشار إلى أن بدائل البلاستيك، مثل الورق، تواجه تحديات كبيرة نظرًا لارتفاع تكاليفها واعتمادها على خامات مستوردة، ما يزيد من التكلفة ويحد من تنافسية المنتجين المحليين.

إنتاج البلاستيك القابل للتحلل: فرص وتحديات

من جانبه، تحدث ياسر السيد، مدير عام التسويق في شركة سيدي كرير للبتروكيماويات، عن المعوقات التي تواجه الشركات في إنتاج البلاستيك القابل للتحلل. وذكر أن أبرز هذه التحديات تشمل عدم توافر التكنولوجيا المتخصصة وارتفاع تكاليف المواد الخام والكيماويات اللازمة للإنتاج. كما أشار إلى أن البلاستيك القابل للتحلل يعاني من ضعف المتانة مقارنة بالبلاستيك التقليدي، مما يحد من الطلب عليه في الأسواق المحلية والدولية.

وأضاف السيد أن غياب اللوائح الحكومية الواضحة والحوافز المالية لدعم إنتاج البلاستيك القابل للتحلل يمثل عقبة رئيسية، داعيًا الحكومات إلى تقديم دعم مالي للشركات عبر تخفيض أسعار المرافق والضرائب والجمارك، إضافة إلى إطلاق برامج تمويل موجهة للشركات التي تعمل على تطوير هذا النوع من البلاستيك.

واقع إعادة التدوير في مصر

كشف علي شاهين، نائب المدير التنفيذي لغرفة الصناعات الكيماوية، أن مصر تعد الأولى عربيًا في مجال إعادة تدوير البلاستيك، حيث يتم تدوير حوالي 2.5 مليون طن سنويًا. وأوضح أن شعبة إدارة المخلفات بالغرفة تضم 3300 مصنع، منها 2700 مصنع يعمل في مجال إعادة تدوير البلاستيك، باستثمارات تصل إلى 10 مليارات جنيه.

وأشار شاهين إلى أن 70% من عمليات التدوير تتم عبر القطاع غير الرسمي، مطالبًا بتوفير مزايا وحوافز لدمجه في القطاع الرسمي. كما أكد أن هذا الدمج سيسهم في تقليل الاعتماد على استيراد المخلفات البلاستيكية المستخدمة في المصانع.

الطلب على البلاستيك القابل للتحلل ومستقبل الصناعة

أشار د. أحمد صالح، مدير مركز الابتكار وريادة الأعمال بجامعة النيل، إلى أن الطلب المحلي على البلاستيك يبلغ حوالي 8 ملايين طن سنويًا، يتم إنتاج 2.5 مليون طن منها محليًا، في حين يتم إعادة تدوير مليون طن، ويتم استيراد الباقي من الخارج. وأضاف أن العالم أنتج في عام 2022 نحو 400 مليون طن من البلاستيك، منها 2 مليون طن فقط قابل للتحلل، وهو رقم محدود للغاية مقارنة بالاحتياجات العالمية.

وأشار صالح إلى حالة عدم اليقين التي تواجهها صناعة البلاستيك بسبب غياب رؤية واضحة لمستقبل الصناعة، داعيًا إلى ضخ المزيد من الاستثمارات في تطوير التكنولوجيا والبنية التحتية اللازمة لإنتاج البلاستيك القابل للتحلل. كما شدد على أهمية تحسين منظومة جمع وفرز المخلفات، وتقديم حوافز لجذب المستثمرين إلى قطاع إعادة التدوير والتصنيع.

التوجه نحو المستقبل

اختتم المتحدثون الجلسة بالتأكيد على أن تطوير صناعة البلاستيك، سواء من خلال تعزيز إعادة التدوير أو إنتاج البلاستيك القابل للتحلل، يمثل ضرورة ملحة لضمان تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز تنافسية المنتجات المصرية في الأسواق العالمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى